منهجية المقالة الفلسفية الجزء الثالث
3.مراحل إنجاز المقالة : (نموذج تطبيقي)
النص
إنها حرب معلنة بين الناس, ولا بد لكل امرئ أن يحدد موقفه فينضم بالضرورة إما إلى اليقينيين أو إلى الشكاك.و من أراد الحياد كان في صف الشكاك حتما لأن الحياد في أساس موقفهم ومن مزايا هذا الفريق أن من لم يكن ضدهم كان بالضرورة معهم, أما هم فليسو مع أنفسهم, إنهم محايدون, غير حافلين, معلقين كل شيء حتى أنفسهم.
ما العمل في هذا الحال ؟ أيشك الإنسان في كل شيء ؟ أيشك في يقظته؟ أيشك في أنه قرص أو أحرق؟ أيشك في أنه يشك و في أنه موجود؟
لا أظن أنه يمكن الذهاب إلى هذا الحد بل إنني أؤكد أنه لم يقم بالفعل حتى الآن فيلسوف شاك تمام الشك, جاد فيه فالطبيعة تعين العقل العاجز وتمنعه من أن يشط إلى ذلك الحد.
أم سيدعي أنه حائز للحقيقة وهو لو سئل لما استطاع إظهار علامة واحدة عليها ولكان مضطرا إلى التراجع؟
أي خدعة هو الإنسان ,أي بدعة , أي هول أي اختلاط,إنه موضع المتناقضات , خارقة الخوارق,حكم على جميع الأشياء و دودة هزيلة من ديدان الأرض,موطن الحق و موبأة الشك و الخطأ,مجد العالم و حثالته.
بسكال-الخواطر ص199-200
1.3العمل التحظيري:
أ/القراءة: غالبا ما يلتجئ التلاميذ إلى قراءة بصرية متكررة للنص الفلسفي المراد تحليله ثم يتم بعد ذلك الانطلاق في إنجاز المهارات الأساسية غير أن المشكلة المطروحة هي : كيفية التخلص من الفهم الانطباعي للنص أو الفهم المتسرع القائم على الاهتمام بجانب دون آخر وكيفية الانتباه إلى الحركية الداخلية للنص القائمة على ثنائية المشكل-الحل,فالمشكل قد يكون ضمنيا و الحجاج قد يكون متعرجا بمعنى أنه قد يستدعى الكشف عن جدل ضمني بين أكثر من أطروحة مما يجعلنا ملزمين بالحذر من الفهم العكسي أو المغلوط( كأن نعتبر مثلا أن الموقف المستبعد في النص هو أطروحة الفيلسوف) ولتجنب ذلك نقترح الإيضاحات الآتية:
----}القراءة المنطقية: وهي تلك القراءة التي نوجه فيها اهتمامنا إلى البنية المنطقية للنص من الناحية الشكلية أي انطلاقا من الروابط المنطقية الحاضرة في النص: الوقوف عند مواضع التأكيد, النفي, الاستنتاج, التعليل, المقارنة......إلخ. عبر الانتباه إلى الأدوات اللغوية التي يستعملها لذلك.
ملاحظة: لسنا مطالبين بتحليل لغوي للنص ولذلك فإن هذا الانتباه إلى الصيغ اللغوية في كيفية أدائها لوظائف منطقية يقتصر على المستوى الأولي وهو محاولة فهم النص و المبررات واضحة:من ناحية أولى, إن الفيلسوف يتوسل اللغة لتبليغ مقاصده و أفكاره و هي شرط تواصلنا الفكري معه ,لذلك تكون الصيغ اللغوية سبيلا للممايزة بين ما يريد إثباته و ما يريد نفيه وما يريد استنتاجه و ما يريد تعليله... إلخ.من ناحية ثانية الاهتمام بهذه النواحي الشكلية مؤقت, على الرغم من أهميته إذ يسمح لنا بالوقوف عند المضمون الفلسفي و يقف دوره عند هذا الحد ( قد يكون جزءا أساسيا من المقالة الأدبية ولكنه ليس جزءا من المقالة الفلسفية التي وضحنا مكوناتها آنفا)
----}القراءة الخطية:و هي تلك القراءة التي سنوجه فيها انتباهنا إلى مضمون النص بالاستفادة من بنيته المنطقية أي أن نقوم باستخراج الأفكار الأساسية كما ترد في النص باعتبارها المادة الخام المطلوب تحليلها وإن هذا الشكل المكتوب من القراءة يجعلنا نتجاوز تسرع القراءة البصرية و انطباعيتها و توضح لنا المقاصد الحقيقية للنص.
----}القراءة المفهومية: وهي تلك القراءة التي نهتم فيها بالبنية المفهومية للنص وتنجز انطلاقا من الاستفادة من القراءة المنطقية و القراءة الخطية.و هي تقوم على رصد العلاقات القائمة بين المفاهيم و التمييز بين المفهوم المركزي و المفاهيم الوظيفية ( تحديد دلالة المفهوم الرئيسي )
ب/لحظات الحجاج: انطلاقا من القراءة الخطية يتم رصد لحظات الحجاج أي تبويب هذه الأفكار وفق محاور معنوية مرتبطة بأهداف تحليلية(ما يريد الفيلسوف الإقناع به)بحيث نجد ضرورة منطقية يحتكم إليها النص تجعل اللحظة السابقة ضرورية للانتقال إلى اللحظة الموالية.
ج/الأطروحة: ويتم الكشف عنها بعد الكشف عن لحظات الحجاج عبر إدماج الأهداف التحليلية الجزئية في هدف تحليلي عام فنستطيع بذلك أن نحدد الموقف الذي يدافع عنه و يتبناه الفيلسوف.
د/ الإنتباه إلى المشكل الفلسفي: ينبغي النظر إلى الأطروحة لا فقط باعتبارها موقفا فلسفيا فحسب بل ينبغي النظر إلى هذا الموقف ذاته باعتباره متولدا عن دوافع إشكالية فالفيلسوف يبلور موقفا انطلاقا من تفكيره في مشكل فلسفي .
- يمكننا إذا أن ننتبه إلى المشكل الفلسفي انطلاقا من الأطروحة.
ه/ الكشف عن الإشكالية: وهي تحديد دقيق للمشكل العام لكي يتيسر الإجابة عنه فتوخي الدقة في طرح السؤال هو ما سيحدد بشكل ضمني الحل الفلسفي الممكن للمشكل.
و/السؤال التقييمي: انطلاقا من الأطروحة ولحظات الحجاج يتم الكشف عن السؤال التقييمي الذي سوف يضطلع بمهمة تنسيب الأطروحة.
التطبيق
القراءةالخطية
ف1/ تعارض بين موقفين:-----}-يقيني يدعى امتلاك الحقيقة.
-------}ريبي: قائم على تعليق الحكم
ف2/ الحياد ضرب من السقوط في الريبية
ف3/ نفي إمكان اليقين و الحقيقة يفضي إلى نفي الذات .
ف4/ التساؤل عن مدى مشروعية الشك الجذري و القطعي.
ف5/ استحالة الإذعان إلى الشك الكلى.
البرهنة :
الطبيعة و ما فيها من ضرورة تلزم العقل العاجز بوجوب اتخاذ مواقف.
ف6/ الإدعاء الوثوقى و اللامبرر بامتلاك الحقيقة
ف7/ تناقضات الإنسان
لحظات الحجاج
-التعارض بين الوثوقية و الريبية
- مآخذ الريبية
- مآخذ الوثوقية
- تناقضات الإنسان
الأطروحة:
التأكيد على أن التعارض و التضارب بين الحقائق الفلسفية الذي يفرز مواقف الوثوق أو الريبية مرده تعدد أبعاد الذات الإنسانية و تأصل هذه المفارقة في صلب الإنسان.
المشكل العام:
يحاول الفيلسوف أن يبرر تناقضات الفلسفة بتأصيلها في صلب الإنسان ذاته مما يجعل التناقض واقعة أنطولوجية تعبر عن حقيقة الإنسان ذاته و إذاك يمكن أن نؤطر هذا الحل الفلسفي في سياق مشكل قيمة الخطاب الفلسفي انطلاقا من التكثيف الإشكالي لمفارقة التفلسف القائمة على التأرجح بين الحقيقة كمنشود وبين واقع معرفي لا يحيل إلا على التظنن فيها أو إلى الوقوع الغفل في الوثوقية.
3 العمل التخطيطى:
أ/