كاتب من ذهب
صورة للكاتب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]من قال أن (ياسمينة خضرة) امرأة ؟
**
(ياسمينة خضرة) اسم يتقدم بثقة وبسرعة في سماء أدبنا العربي عموما وفي فن الرواية بالتحديد.
لكنه اسم يثير الكثير من الأسئلة حول كتابته الأدبية ، وحول لغته الروائية خصوصا (وهو بالمناسبة يكتب بالفرنسية) وحتى حول اسمه.
كنتُ أتابع مؤخرًا حضوره المتميز في القناة الخامسة الفرنسية، وفي قنوات أخرى، فرأيتُ أن هذا الاسم جدير بالقراءة والتعليق.
كتب عنه أحد قراءه معــــــلقًا :
(في وقت كنتُ اعتقدُ فيه أن الحياة كانت حزينة وأنني قرأ تُ كل الكتب، في هذا الوقت اكتشفتك فعاد الأدب إلى الحياة.. ).
وهذا هو رأيي بالتحديد في هذا الروائي الطالع من صحارانا الملتهبة، البسيط المبتسم، والذي يصنع شهرته العجيبة في الغرب قبل الشرق، وتعرفه أوربا قبل أن تعرفه العرب.
اسم مستعـــــار للعسكري الأديب
وُلد (ياسمينة خضرة) واسمه الحقيقي (محمد مولسهول) في 10 جانفي 1955 بمنطقة "القنا د سة" بمدينة "بشار" بالصحراء الجزائرية لأب ضابط في الجيش، دخل مدرسة أشبال الثورة منذ 9سنوات، وترقى إلى أن صار ضابطا في الجيش الجزائري، ومسؤول الناحية الثانية في الجيش.
مع التهاب موجة العنف في فترة التسعينات في الجزائر، نشر كتاباته تحت اسم مستعار هو (المستشار لوب)، ولكن موجة العنف التي طالت الكثير من الكتاب والمثقفين والصحافيين جعلته يختار اسمًا جديدً ا وهو (ياسمينة خضرة ) ، اسم جدته،ليوقع به أولا ما كان ينشره في الصحافة الجزائرية خلال التسعينات، قبل أن يقرر أن يوقع به رواياته الجديدة.
رائد الرواية البوليسية العربية الجديدة
الرواية البوليسية العربية عنوان نقوله ولا نكاد نراه، هذا هو الانطباع الأول للباحث في أدبنا العربي عن أسماء مهمة في هذا المجال.
لكن ياسمينة خضرة يحاول أن يخترق كل ذلك ويخرج عن المألوف، إنها الرواية البوليسية التي تتلبس بأسئلة التاريخ والجغرافيا، رواية تحضر فيها كل إشكاليات ومشكلات عالمنا المعاصر بتعقيداته.
إنه الكاتب الذي يكتب بتمكن واقتدار عن فلسطين والعراق والإرهاب والعولمة وو..كل ذلك بأسلوب بوليسي تمتزج فيه الشخصيات وحركاتها، ولا تُفَك طلاسمُها بسهولة من يقرأ مطمئـــــنًا رواياته.
هذا هو السبب الذي –في تقديري- جعل رجلا مثل المستشرق الأستاذ "شارل بون"، الاختصاصي في الأدب المغاربي المكتوب بالفرنسية والخبير بقضايا الفرانكفونية، يضعه في رأس الروائيين البوليسيين الجدد في العالم العربي.
الشرق – الغرب وعقدة اللاتفاهم
عقدة الشرق- الغرب هي تلك العقدة التاريخية التي شغلت المؤرخين والكتاب والروائيين منذ الحروب الصليبية والى اليوم.
الخوف من الأخر، المبرر وغير المبرر أحيانا، هو السائد، وفكرة المؤامرة هي الترمومتر الذي يحكم العلاقة بين الطرفين، والمستقبل يبدو أكثر من أي وقت مضى رهينة تلك الهواجس والمخاوف..
وماذا أفادت ثورة الاتصالات والتقدم العلمي الهائل غير أنها عولمت الصراع وأججت ناره و طورت وسائله..
هل يمكن تجاوز ذلك اللاتفاهم السائد من قرون والمستمر عبر القرون؟
الروائي هنا فهم هذه الاشكالات وقرر بشجاعة الخوض فيها غير آبه بمعوقات كل ذلك، فالرواية ليست بحثا اكاديميا، ولكنه عالم متماوج متحرك يحضر فيه الكل وتتحرك جميع الاحتمالات، والتقارب -كما التباعد- جد ممكن بين الشرق والغرب.
على أسوار بغــــــداد
إنه الجحيم لرجل شاب ابتلعه الإرهاب والفقر والخوف، غادر قريته واتجه إلى بغداد. وفي أرض الحرب الطاحنة وقف من غير مال ٍ ، ولا اتجاه محدد، مهانــًـا، حسيرا..فتلقفته أيدي المتطرفين الراديكاليين.
وتساءلت الكاتبة نادين سوفيل كيف لهذا الرجل يوقع الفرنسية في أسلوب العربية الدارجة، ويصبح القارئ هو الراوي..
وقال عنه غليوم شيرل أن قدرة الكاتب الحقيقية في هذه الرواية هي في إيهامنا وإيقاعنا في تبريراته وحججه التي يوردها على ألسنة شخصياته ..
إن ياسمينة خضرة كغيره من الروائيين الكبار لا يعطي أجوبة ولكنه يدعونا للفهم والتأمل عبر الأسئلة التي تنمو من تناقضات شخصياته.
الإرهاب والعالم الروائي الجديد
في هذه الرواية(انتحار) يبدو أمين ، الباحث الاسرائيلي ، الفلسطيني الأصل، قد نأى بنفسه عن الصراع الذي يدور بين شعبه والعدو، ويتفرغ بالكامل لمهنته وزوجته سهام، حتى ذلك اليوم المشؤوم ، يوم العملية الانتحارية في تل أبيب، حين يأتي صديقه نافيد ويعلمه خبر مقتل سهام زوجته في العملية، بل وأن الشكوك تدور حول كونها هي الانتحارية.
هذه هي فكرة الرواية، انها تساؤل عن حالة وعي ووعي مقابل، أمين الطبيب الفلسطيني، الاسرائيلي الجنسية، يتساءل عن سر العملية التي قامت بها زوجته، ذلك الكائن الرقيق الوديع، وأين : في مطعم اسرائيلي كان ممتلئا بالاطفال .. ولماذا لم تخبره ولم تقل له شيئا عن كل ذلك ؟ ولماذا هو الذي اعطاها كل حياته لم يشعر في أي لحظة بما يختلج في صدرها ؟ ولماذا هي كالكثير من هؤلاء الرجال والنساء الفلسطينيين ليس في رؤوسهم سوى قضية فلسطين.. اسئلة كثيرة يسوقها الكاتب بأسلوب عذب .
قال عنه دانيال روندو من مجلة أكسبرس :
"ما يشدني في ياسمينة خضرة هو أنه يترك الرعب يسوق روايته، والقدر – اللغز في الحياة هو الذي يتغلب على كل القوانين والأفكار الجاهزة ".
الثلاثية: المشروع القادم
وفي موقعه على الانترنت (yasmina-khadra.com) يقرر صاحبنا انه اختار الكتابة بالفرنسية لأن هذه اللغة هي بالنسبة لبعض المثقفين أضمن طريق للنجاح ،للمجد والشهرة.
من الجزائر الى فلسطين الى العراق.. المثلث هذا هو الذي يشكل ثلاثية الروائي ياسمينة خضرة الذي تم اختياره كأحسن روائي لبداية السنة الحالية في فرنسا.. وقد نال عددا من الجوائز، وحظي